
دخل مشروع تعديل المرسوم 107 الصادر عام 2011 مرحلة البحث والنقاش الجدي وما شهدته الفترة الماضية من ورشات عمل حول مشروع اللامركزية ونقاشات مستمرة عن أليات إدارة الوحدات الإدرارية وسيشهد تسارع في وتيرة الحوار على مستويات عدة بهدف الوصول إلى قانون يعزز دور المجالس المحلية في التنمية والبحث عن مشاريع تؤمن ريعية تحقق مستويات أفضل من الخدمات في الوحدات الإدارية وتحافظ على الشخصية العامة لها وتؤمن موارد الأجيال القادمة بتعزيز القدرة على التمويل الذاتي عبر البحث عن الاستثمار دون الإعتماد على إعانات وزارة الإدارة المحلية والسلطة المركزية وتتيح لها دراسة المخططات التنظيمية لخلق هوية بصرية ونسيج عمراني فريد بها وفق البيئة المحلية.
ومع ازدياد وتيرة الحديث عن تعديل قانون الإدارة المحلية بدأت التسريبات تظهر إلى العلن عن منح الوحدات الإدارية مزيداً من الصلاحيات وتوسيع مهامها وإعادة تنظيم علاقاتها بين بعضها البعض وبينها وبين الوزارات والمؤسسات الحكومية وهي بطبيعة الحال في سياق الحوارات واللقاءات العلنية التي جرت على مختلف المستويات لمراجعة نتائج المرحلة السابقة من تطبيق المرسوم وإطلاق حوارات على مستوى المحافظات لإعادة تقيم القانون وأفاق تعديلة ومن جملة التسريبات إمكانية إخضاع منصب المحافظ للانتخاب الشعبي المباشر كما هو حال رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي.
كي لا يأخذنا التفاؤل المفرط بالتغير والرغبة في الجنوح إلى أبعد مستويات اللامركزية لابد من الإشارة بأن السير في هكذا خطوة ينهي دور المحافظ كممثل السلطة المركزية في المحافظة وكونه عامل لجميع الوزارات وفق المادة 41 من القانون وكمشرف على عمل السلطات المحلية وجميع الأجهزة المحلية والمركزية في المحافطة وعلى تطبيقها للقوانين والأنظمة بصفته ممثلا عن السلطة المركزية وفق المادة 42 وهنا لا بد من التساؤل كيف ستسطيع الإدارة المركزية ضبط العلاقة مع الوحدات الإدارية دون أن يكون المحافظ ممثلاً لها بما يتعلق بالتعليمات التي يصدرها الوزراء وبالشؤون التخطيطية والتنظيمية والفنية العائدة لوزاراتهم وهل باستطاعة الوحدات الإدارية الإعتماد على نفسها في إدارة مواردها بعيداً عن إعانة السلطة المركزية والأهم من ذلك هل باستطاعة المحافظ المنتخب أن يكون على مسافة واحدة من الوحدات الإدارية وكيف يمكن أن لايخضع لرؤية الوحدات ذات الثقل الانتخابي التي توصله للمنصب في ظل القانون الانتخابي وألية الانتخابات الحالية وبالتالي هكذا خطوة ستعزز ثقل القوى السياسية الفاعلة في الانتخابات ولن تصب في الصالح العام.
ربما يعتقد البعض بأن الذهاب لانتخاب المحافظ خطوة في مسار إلغاء الحصانة التي يتمتع بها المحافظ والتي تحول دون تقييم عمله ومحاسبته على الأخطاء والتجاوزات التي يمارسها وإخضاعه للمحاسبة من قبل مجلس المحافظة المنتخب لرفع من مستوى الأداء ولكن السؤال أليس نفس القوى التي أوصلت مجلس المحافظة في الانتخابات ستوصل المحافظ وبالتالي فإن المحافظ سيصبح جزء من هذه التشكيلة ما سيعزز القوى ذات الثقل في المحافظة على حساب المحافظة والمحافظ.
يعتقد الكثيرون وحتى جزء من أعضاء المجالس المحلية بأن سلطة المحافظ تحد من سلطتهم وهذا الاعتقاد ناجم إما عن ضعف في أدائهم لمهامهم أو لعدم رغبتهم في العمل وبالرغم من أن صلاحيات المحافظين يجب أن تكون مثار دراسة ونقاش في التعديلات إلا أن الواقع يقول بأن المجالس القوية لا يمكن أن يمنعها المحافظ من أداء دورها إن رغبت والوحدات الضعيفة ستبقى خاضعة لسلطة المحافظ سواء أكان منتخباً أم معيناً
الأساس في تطوير قانون الإدارية المحلية والمجالس المحلية يبدأ بتفعيل دور تلك المجالس وتحفيزها على العمل والبحث عن أليات تطوير أدائها تبدأ بالإنتخابات التي توصل تلك المجالس وصولاً للصلاحيات والميزانيات المستقلة والتشبيك مع المجتمع المحلي والمنظمات العاملة على الأرض السورية