-20210320-084903.jpeg)
شكل بيان السابع عشر من أذار 2021 والذي أصدره المجلس الرئاسي لحركة أمل ، بمناسبة العيد السابع والأربعين لتأسيسها ، مادة غَنيَّة لقراءاتٍ مُختلِفة من قبل معنيين بالحالة السياسية والإجتماعية ، و مُهتَّمين بسلامة الوطن ، وقلقين على الحاضر وخائفين مَنْ المستقبل.
هذا النداء إرتقى من ( بيانٍ حرَكيٍّ ) الى مستوى { بيانٍ وطنيٍّ}.
العبارة التي رَصَّعتْ هذا البيان وجعلته بمصافِ ( النداء الكياني الإنذاري والتحذيري ) ، هي :
'' لبنان ضرورة حضارية للعالم وللإنسانية ''..!
انا أجزم ان احداً لمْ يطلق هذا الموقف او هذا ( البيان الوطني ) سابقاً. واعتقد انه سيكون أمراً جيِّداً من الان وصاعداً إستثمارُ هذه العبارة والبناء عليها .
وإنه لمن المفيد في هذا الظرف المأزوم ، ترجمة هذا البيان الى الأجنبية وتوزيعه حيث يجب، لأن فيه دلالات كيانية ، و تُقدِّمُ مفهوماً و معنىً جديداً و تَصويبياً للبنان..!
في ظلِّ الأزماتِ المُتناسِلةِ والتي يتنقَّلُ فيها لبنانُ من حالة المأزومية السياسية الى حالة المأزقيََة الوطنية ، يُمكِنُ تقديم (قراءة وطنية) لمضمون البيان ، هذه مُحدَّداتُها :
١- أكّد على ثلاثية :{ المُنطلقات} التي بدأت منها الحركة ، و {لثوابِت } التي تُرافِقُ مسيرتها ، وا{لانتظارات }التي ترنو اليها أوْ تتخوَّف من إنعكاساتها على مستقبلِ الوطن .
٢- يَظْهرُ بوضوح إستخدامُ مُصطلحٍ تعبيري جديد و غير مسبوق ، في إطارِ إعلان المواقف ، هو أن { لبنان الضرورة الحضارية للعالم والإنسانية }. وهذا ما يؤكِّدُ إيلاءِ الشأن الكِيانِيِّ إهتماماً مُرَكَّزاً ، من التعابير والمفردات الصلبة ، والتي يصعبُ تأويلُها على غير مقاصدها.
٣-يحمل (النداء -البيان ) أَرْبَعَةَ مُستَويات من المواقف تتكاملُ مع بعضها لِتُشكِّلَ ( الرؤية الوطنية للحركة ) وِفق الترسيمة التالية :
أ- المستوى الدستوري، وغايته ( الإحتكام الى الدستو والعمل بموجبه ، ومنع رَهن الوطن و خطر الإرتهان ) ؛
ب- المستوى الكياني ، والتركيزُ من خِلالهِ
على مبدأين أساسييّّن متلازمين هما : التأكيد على مبدأ ( نهائية لبنان وطناً لكل اللبنانيين) ، وإعتماد ( الكِيانيّة الوطنية) في توصيف الحالة الوطنية التي يجب أن تحكم العلاقة بين اللبنانيين. إضافةً الى إطلاق التحذير من ثلاثية ، التقاسم و الإنقسام والتقسيم) ، وهذا الأمرُ يُشكِّلُ ( أَمرَ مهمَّة وطني ) ، بعيداً عن إلإنشغالات ، والدعوة الى تحمُّلِ المسؤوليات و الاسراع لإتخاذ وقفة تاريخية في هذا الظرف المصيري الشديد الدِقّة ، بعيدا عن سياسة الكَيْدِ والرَهنِ والإرتهان القاتلة للصيغة والمُهدِّدَةِ للكيان.
ج- مُستوى التلاقي الحضاري والتكامل الإنساني . و في ذلك دعوةٌ الى الإرتقاء بلبنان من (رُتبَةِ بَلَدٍ )تتعايشُ فيه طوائفُ و مذاهب ، الى (رُتبَةِ وطن) ، تتلاقى فيه الجماعات المُتنوِّعةُ لتُشكِّلَ مُجتمعاً نوعياً تتكامل فيه الحضارات والثقافات لِتُؤلِّفَ نموذجاً لوطن التلاقياتِ الروحية.
د- المَبدأيَّةُ السياسيَّةُ والقيم الوطنية ، التي يجب أن تنتظِمَ العلاقات بين القوى السياسية فتكون الآمالُ مَعقُودَةً ( للتضحية من أجل لبنان ، لا أن نُضَحّي بلبنان) ، من خلال حكومة تكون كل أثلاثُها للبنان ، والاسراع بتشكيل حكومة قادرة على إستعادة الثقة و طَمأَنَةِ الناس على حاضرهم ،و عدم الكفر بتاريخهم، و منع الخوف من مُستقبلهم وضرورة الإبتعاد عَنْ الأنانية السياسية القاتلة للحياة السياسية الشريفة .
التلاقي والإختلاف { تعاولوا الى الكلمة الطيِّبة }..!
٤-التكامليةُ في محتويات النداء و مضامينه جاءَت واضحة من خلال التحذير من إنعكاسات المناكفات والرهانات السياسية لدى البعض على الوضع المالي والإقتصادي والاجتماعي الذي يُنذِرُ بعواقب قاسية ، كما من خلال دعوة اللبنانيين للإنتصار للوطن.
٥- التأكيد على الحفاظ على الصدقية اللبنانية للمجتمع اللبناني تجاه المبادرات الدولية ، و إعلان الحركة التمسك بالمبادرة الفرنسية والاسراع بتشكيل الحكومة وفق النص الدستوري .
إن شموليَّةَ النداء على عناوين إنقاذية و تحذيرات من التلاعب بمصير لبنان ، إِستُكْمِلتْ بجهوزيَّة ( الحركة ) للدفاع عن لبنان وفق الدستور والقانون و منع تقويض الكيان . وفي ذلك إلتزامٌ صريحٌ بإتِّباع الحركة للمسيرة الوطنية للحركة التي أنطلقت من المسار الفكري للأمام موسى الصدر ، أَوَّلَ مَنْ تحدَّثَ عن ( النهائية الوطنية لكل اللبنانيين ) ، والذي يُستَكمله اليوم دولة الرئيس نبيه برّي بالتركيز ثابتتَيْن : الكيانية اللبنانية ، والتكامل الوطني.